لم أكن أتصور أن زوجي ذو الأربعة أطفال - الذي دائما ما كان يُغلق الباب على
نفسه ويجلس أمام الكمبيوتر – كان غارقا في النظر إلى الصور والأفلام الجنسية
.. ؟!
كم أصبت بخيبة الأمل عندما دخلت عليه في تلك الغرفة التي نسي أن يحكم إقفالها
ذلك اليوم المشؤوم .. ! الذي أحسست فيه بدوار شديد كدت أسقط على الأرض بسببه
.. !
ياله من منظر محزن ومخزي عندما وجدته متلبسا بذلك العمل المشين .. ؟! فلم أكن
أتصور أن الجرأة تصل به إلى هذا الحد الذي يضعف فيه أمام إرادته فيقلب بصره
في الحرام على مرأى من ربه الذي رزقه بتلك العينين التين ينظر بهما إلى ذلك
الحرام .. !
كم خارت قواي عندما رأيت المعلم الأول لأبنائي .. يقوم بهذا العمل القذر .. !
الذي يرسم في عقله الجنس على أنه هو الحياة .. !! وبعده يضيع من بين يديه كل
شيء وقد لا يؤمن على من هم تحت يده من الأبناء ولا يحسن تربيتهم لأن فاقد
الشيء لا يعطيه .. !!!
خرجت هذه الكلمات من امرأة بائسة ..
بأحرف متقطعة ممزوجة بشيء من العبرات .. تفوهت بها تلك المرأة بعد أن انكشف
لها زوجها بلباس غير الذي عهدته منه ..!
هذه حقيقة ينبغي ألا نغفلها ولا نتهرب منها .. فقد كثر الكلام من النساء عن
تورط أزواجهن بتلك المواقع النجسة المؤثرة على العقول والقلوب .. فأصبحوا
يتهربون من مسؤولياتهم وما وكل إليهم من تربية وتعليم لمن هم تحت أيديهم ..
بل هجروا النساء على الفرش بسببها ولا حول ولا قوة إلا بالله .. ! فكيف يُهرب
من العفاف إلى السفاف والسقوط والانخراط في المواقع الاباحية التي تفتك بلب
الصغير قبل الكبير . !
كيف يجرأ ذلك الأب على أن يغيب عن بيته في بيته .. ويستقبل المخازي في عقر
داره .. حيث يقبع أمام تلك الشاشة التي تنقله من سوء إلى أسوء ... كيف يفعل
ذلك وقد لاح في عارضيه الشيب ؟! أم أنه الفشل في امتحان المراقبة للرب العليم
!؟
إنها كارثة عُظمى أن يصاب الهرم الأكبر في البيت بذلك الداء !؟ إنها كارثة
مخزية يوم أن يعلم الأبناء وتعلم الزوجة أن رب البيت بين المومسات وبين
المواقع التي تطرد الملائكة وتستقبل الشياطين ؟! إنها مصيبة عظمى يوم أن يهجر
الزوج زوجته في الفراش ويلجأ ربما للعادة السرية المضرة المغضبة لربه ... ؟!
إنها نقطة تحول خطرة يوم أن يسمح لنفسه بمعرفة المشبوهين والساقطين من أجل
تحقيق تلك الرغبة المنحرفة ؟!!
فما قيمة الزواج والعفاف إذا !؟ وما موقف هذا المغيب لو رأى تلك الزوجة تقوم
بما يقوم به ؟! هل يغض الطرف أم يفتل عضلاته إمامها ؟! ويتستر بالنقاء
والصفاء .. ؟!
أيها الزوج الفاضل ...
قد يكون لسهول الوصول إلى ذلك الفساد
دور كبير في جرك إلى ذلك العمل المشين .. وقد يكون ثمة سبب أو أسباب ساهمت في
دفعك إلى ذلك ، لكن إلى متى ستستمر على تلك الحال ؟! وإلى متى وأنت تواصل في
جمع أكبر رصيد من الآثام من أجل تحقيق ماتطلبه نفسك ؟! ألا تخش أن ينتهي
مشوار حياتك الدنيا وأنت على تلك الحال المخزية ؟! ألا تخشى من أن يفضح أمرك
بأي طريقة تناسب الحال التي أنت عليها ؟! ألا تستحي من رب ينظر إليك وأنت على
تلك الحال !!!
فالله الذي خلقك وركبك ونعمك مطلع على كل ما تقوم به في ذلك المكان البعيد
المستور إلا من عين الله الذي هو أقرب إليك من حبل الوريد ؟!!!
أيها الأب الكريم ..
ألا تعلم أنك بفعلك هذا تساهم مساهمة
فعالة في تفعيل دور الفساد في المجتمع !! نعم وإلا من كان يصدق أنه في يوم من
الأيام سيقوم فلان بن فلان الرجل الرزين العاقل الذي لايذكره الناس إلا
بالخير بجعل بيته الحصين نواة لاستقبال أكبر حجم من الفساد الأخلاقي ، ومن ثم
يُشربه عقله وتفكيره فيطغى على همته وعزمه فيضعف عن الإصلاح والمتابعة
والتفرغ لمن هم تحت يده ومن هم سبب في دخوله النار إن قدم لهم الغش بدل النصح
، قال صلى الله عليه وسلم ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو
غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) !! فأسألك بالله هل ما تقوم به من
تغذية منحرفة لروحك ونفسك سيكون له أثر إصلاح ومنفعة لرعيتك ؟!
لا أظن ذلك ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه ..
أيها الزوج الكريم ..
فقط اجلس مع نفسك لحظات وتمعن بصدق
فيما تفعله أمام الجهاز من أعمال ، وقس حجم الخير فيها من الشر ، وكم هي
الإيجابيات من السلبيات ... وهل تأثر من خلالها مستوى تدينك وإيمانك أم لا ؟
عندها ستنكشف لك نفسك وتراها رأي العين ، ولا أعتقد بعد ذلك أنك ستُغفل أمر
النتائج إن لم تكن إيجابية وتستمر في مسيرة الانحطاط ، فالمؤمن لايلدغ من جحر
مرتين ،
رزقنا الله وإياك الخشية في السر والعلن .. وجعلنا من التقاة الصادقين ..
وأعاننا على حمل أمانة النفس والأنفس .. وصلى الله على نبينا الكريم أخشى
الناس لرب العالمين ..